معلش التدوينة ديه طويلة شوية ,, ولكن لأهميتها
نزلت من العمل متأخراً يوم الاحد , واذن المغرب عليا وانا في الطريق , ودخلت بيتنا بعد صلاة المغرب بكثير , وكنت مشتاق إلى طعام امي , فأنا صائم ولم افطر حتى الان , وكنت في العمل والجوع يتملكني والصداع يملئ عقلي , وعند دخولي المنزل , رأيت امي امامي وتقول لي : هل فطرت؟ , فأجبتها : بالطبع لا. فقالت لي : هو انت كنت فين؟ , فقلت : في العمل. ففاجأتني بخبرٍ جعلني انس الطعام , ولا اشعر بالجوع , وجعلتني انس انني مرهق , اخبرتني ان والد اخي "محمد سعد" توفى في صلاة المغرب. لا حول ولا قوة إلا بالله , لم استطع أن اتنفس , ولم اشعر بمن حولي , ورأيت كل شيئ امامي لونه رمادي , وبعد أن سألت والدتي عن الطعام لم استطع ان اتكلم بكلمة واحدة بعدها , .... يا الله ,,, هذا الرجل الذي كنت انوي زيارته انا واصدقائي في تلك الايام ,,, فلم اتمالك مشاعري , وكنت خلعت فردت كوتش واحدة ولم اخلع الاخرى , فأخذت في ارتداء الفردة التي خلعتها , ونزلت مسرعاً إلى الشارع , وأمي تناديني: إلى اين انت ذاهب؟ ألن تفطر؟ , ولم اجيبها بشيئ , ونزلت دون ان اعرف اين اخي محمد , ولا اعرف اين سألاقيه , ولكني اتصلت به , وكلمته , وكان صوته جميلا , رقيقاً , حتى أني سمعت صوته وكدت أن أبكي , ولكني أمسكت صوت بكائي عنه , وقال لي بصوت خفاق: ادعوا له يا اسلام. انتهت المكالمة .. واتخذ عقلي يجول بالاحداث طريق الحوادث تجمعنا انا والاصدقاء صباحاً للذهاب إلى الجنازة , وذهبنا إلى المنصورة , ولم يكن السفر طويلاً , ولكن في الذهاب وجدنا حدثة على الطريق وأحد السيارت مقلوبة , وعند الرجوع وجدنا حدثة اخرى , وكأن الحوادث لا تنتهي , والاموات يزيدون بأستمرار , فلا حول ولا قوة إلا بالله.
الصلاة
وعند وصولنا إلى القرية , استقبلنا اهلها بأحسن استقبل , وسمعنا صوت من داخل المساجد التي عبرنا عليها ينادي بأن الاستاذ "سعد" قد توفى إلى رحمة الله , ودخلنا المسجد الذي سنصلي فيه , وكان الناس ينتظرون الصلاة , وبدء الهدوء في المسجد بعد الضوضاء , ووقف محمد امام جثمان والده , ووضع يده على التابوت لمدة دقائق ... لحظات صعبة جداً ... لحظات ابكت بعض اخوانه وكثير من الحاضرين ... فهي مؤثرة جدا ... فالشاب يضع يده على جسمان والده الذي رباه , يضع يده على جسمان والده الذي علمه , والذي اطعمه , والذي جعله اخاً له وابناً , ... موقف يبكي من عاشه وشعر به , ونادى محمد : "الصلاة" , وكان صوته في هذه اللحظة اجمل ما سمعت منه , وصلى بنا صلاة الجنازة.
وعند وصولنا إلى القرية , استقبلنا اهلها بأحسن استقبل , وسمعنا صوت من داخل المساجد التي عبرنا عليها ينادي بأن الاستاذ "سعد" قد توفى إلى رحمة الله , ودخلنا المسجد الذي سنصلي فيه , وكان الناس ينتظرون الصلاة , وبدء الهدوء في المسجد بعد الضوضاء , ووقف محمد امام جثمان والده , ووضع يده على التابوت لمدة دقائق ... لحظات صعبة جداً ... لحظات ابكت بعض اخوانه وكثير من الحاضرين ... فهي مؤثرة جدا ... فالشاب يضع يده على جسمان والده الذي رباه , يضع يده على جسمان والده الذي علمه , والذي اطعمه , والذي جعله اخاً له وابناً , ... موقف يبكي من عاشه وشعر به , ونادى محمد : "الصلاة" , وكان صوته في هذه اللحظة اجمل ما سمعت منه , وصلى بنا صلاة الجنازة.
الفراق
بعد الصلاة حملنا جسمان الرجل , وذهبنا إلى المدافن , وكانت المسافة كبيرة جداً , لا يستطيع الرجل الكبير في السن أن يتحملها ولا يستطيع الولد الصغير تحملها , وكان عدد الناس كبيراً بالنسبة لرجل مثله , حتى من كثرة الناس كان يظهر غبار التراب الذي يمشون عليه.
وبعد المشي الكثير ... ها قد وصلنا ... قد وصلنا إلى المكان الذي سيدفن فيه الرجل , وها قد وصلنا ... قد وصلنا إلى لحظة فراق الرجل , لحظة فراق محمد بأبيه , ولحظة فراق الوالد بأسرته , لحظة فراق الرجل بكل من حوله , لحظة لن نرى بعدها الرجل مرة أخرى , يا الله , سيدفن في التراب , وسنتركه وحيدا في الظلمات , سنتركه بلا انيس ولا صاحب ولا زوجة ولا ابناء ولا مال ولا اي شيئ , لا حول ولا قوة إلا بالله , ودخل الرجل قبره , ودفن بالتراب , ,, , يا إلهي ,,, التراب على وجهه , على جسده , دخل القبر بلا عودة في الدنيا , دخل ولن يعود إلينا , دخل وهو يحسدنا على الوقت الذي نملكه في الدنيا , دخل ولن يعود , واغلق عليه بالتوب , كان الناس يتفننون في رص التوب , ويتفانون في سد القبر ,,, وغلق القبر , ولن يفتح إلا لميت آخر.
وقف محمد على قبر والده , ولأول مرة أرى الدموع تتساقط من عيناه , وهو يحاول أن يمسك بها , ولكنها تتساقط بكثرة , فإن العين تبكي والقلب يحزن , ولكن الإيمان بالله قوي , فنحن انفس بشرية , كيف لا يبكي وهذه آخر لحظة يودع فيها ابيه؟ , الوداع يا ابي , وخرجت من عيناه المشاعر الجياشة التي تملكت من قلبه , فلم يستطع اخفاءها اكثر من ذلك , وداعا لأبي "محمد".
واخذنا محمد وذهبنا جميعاً , ذهبنا وتركنا الرجل وحده , بلا احدٍ , تركناه مع ظلمة القبر , عندما دفناه كنا كثيراً , وعندما تركناه كنا كثيراً , ولم يتبقى احد منا , حتى ابنه اجبر على الرحيل من قبل اهله , وهكذا لن يكون له صاحب او صاحبة او اي ونيس له في قبره إلا عمله الصالح.
أتـيت القبـــور فناديتــها ***** أيــن المعــظم والمحــتقر
تفانوا جميعا فما مخبر ***** وماتوا جميعا ومات الخبر
هول الموقف وثبات الشاب
موقف صعب على اخي "محمد" , فلم يكن الموت فقط هو الابتلاء , ولكنه موت ابيه الذي رباه , وجعله اخاً له , وعلمه , و... , و.... , و.... كثير مما لا اعرفه , ولم يكن هذا وحسب ولكن ابتلائه بأنه كبير الاسرة (21 سنة) وله ام واخت (أولى جامعة) واخ (ابتدائي) , هو الذي سيعول الاسرة , هو المسؤل الان عن معيشة الاسرة , محمد طالب في كلية العلوم , وهو متفوق جداً في دراسته غير باقي بعض زملائه , ووالله ما رأيت أحداً بعيني في مثل ثباته , فعندما قابلته عند موت ابيه رأيته يبتسم ليى , وفي الجنازة امسكت بيده في الطريق ووالله شعرت أنه هو الذي يمسك بيدي ويقبض عليها , فما هذا الثبات يا "محمد"؟ , رغم أنك عاطفي؟ حتى أنه أوصانا قبل الرجوع إلى القاهرة بأن نعتني بالأولاد الذي يحفظهم القرآن إلى أن يعود إلى بيته في القاهرة ,,,, أسأل الله عز وجل أن يزيدك من ثباتك , وأسأل الله الذي يأتي بالمنح في المحن أن يجعلك من الأقوياء في الشدائد.
بالله عليكم اسألكم الدعاء لوالد محمد
ولد فمات
هناك رجل عبر على قبور , وكان مكتوب على احد القبور (5 سنوات) وقبر آخر مكتوب عليه (3 سنوات) وقبر آخر مكتوب عليه (6 سنوات) وآخر مكتوب عليه (10 سنوات) وآخر مكتوب عليه (سنتان) وآخر مكتوب عليه ((( ولد فمات ))) ,, فظن الرجل أن هذه قبور للأطفال , ولكنه سأل احد الناس عن هذه السنوات , فأجابه أن هؤلاء الناس عاشوا سنوات كثيرة , فمنهم من عاش (60 سنة) ومنهم من عاش (50 سنة) ومنهم من عاش (35 سنة) ومنهم من عاش (70 سنة) ومنهم من عاش اكثر من ذلك , ولكن كُتب على قبورهم ما فعلوه في حياتهم فمنهم من خدم الناس (5 سنوات) ومنهم من خدم الناس (سنتان) ومنهم من خدم الناس (7 سنوات) ومنهم من ((( ولد فمات ))) . !؟
كنت اتمنى أن اعيش ما بين (40 إلى 45) سنة وألا يزيد عمري عن ذلك ولا يقل , ولكن بعد موت والد اخي "محمد" راجعت نفسي , وقلت ماذا فعلت في حياتك؟ ماذا صنعت لتتمنى أن تموت صغير السن؟ ماذا سأفعل لو مت الأن؟ ماذا سأفعل لو مت وانا اكتب هذه الكلامات؟ وراجعت نفسي ,,, ولكن يا حسرتا ,,, فذنوبي تزن الجبال , وقلب غير موصول بالله المنان , والدنيا موضوعة في قلبي مكان الجنان , ويا حسرتا على ما فرطت في امري الله , وتذكرت ذنوبي الكبيرة , انا اعصي ربي في كل لحظة , وحتى الطاعة افعلها امام الناس , واظنها حسنات وهي من الرياء , فما مصيري يوم تأتي كل نفس بما كسبت؟ , ماذا اقول في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون؟ , ماذا سأصنع في يوم تأتي كل نفس بالحق (وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ (19) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (20) وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ (21) لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (22)) لا حولا ولا قوة إلا بالله , فأين الصلاة والصيام؟ وأين القرآن والقيام؟ وأين بر الآباء والأخوان؟
موقف صعب على اخي "محمد" , فلم يكن الموت فقط هو الابتلاء , ولكنه موت ابيه الذي رباه , وجعله اخاً له , وعلمه , و... , و.... , و.... كثير مما لا اعرفه , ولم يكن هذا وحسب ولكن ابتلائه بأنه كبير الاسرة (21 سنة) وله ام واخت (أولى جامعة) واخ (ابتدائي) , هو الذي سيعول الاسرة , هو المسؤل الان عن معيشة الاسرة , محمد طالب في كلية العلوم , وهو متفوق جداً في دراسته غير باقي بعض زملائه , ووالله ما رأيت أحداً بعيني في مثل ثباته , فعندما قابلته عند موت ابيه رأيته يبتسم ليى , وفي الجنازة امسكت بيده في الطريق ووالله شعرت أنه هو الذي يمسك بيدي ويقبض عليها , فما هذا الثبات يا "محمد"؟ , رغم أنك عاطفي؟ حتى أنه أوصانا قبل الرجوع إلى القاهرة بأن نعتني بالأولاد الذي يحفظهم القرآن إلى أن يعود إلى بيته في القاهرة ,,,, أسأل الله عز وجل أن يزيدك من ثباتك , وأسأل الله الذي يأتي بالمنح في المحن أن يجعلك من الأقوياء في الشدائد.
بالله عليكم اسألكم الدعاء لوالد محمد
ولد فمات
هناك رجل عبر على قبور , وكان مكتوب على احد القبور (5 سنوات) وقبر آخر مكتوب عليه (3 سنوات) وقبر آخر مكتوب عليه (6 سنوات) وآخر مكتوب عليه (10 سنوات) وآخر مكتوب عليه (سنتان) وآخر مكتوب عليه ((( ولد فمات ))) ,, فظن الرجل أن هذه قبور للأطفال , ولكنه سأل احد الناس عن هذه السنوات , فأجابه أن هؤلاء الناس عاشوا سنوات كثيرة , فمنهم من عاش (60 سنة) ومنهم من عاش (50 سنة) ومنهم من عاش (35 سنة) ومنهم من عاش (70 سنة) ومنهم من عاش اكثر من ذلك , ولكن كُتب على قبورهم ما فعلوه في حياتهم فمنهم من خدم الناس (5 سنوات) ومنهم من خدم الناس (سنتان) ومنهم من خدم الناس (7 سنوات) ومنهم من ((( ولد فمات ))) . !؟
كنت اتمنى أن اعيش ما بين (40 إلى 45) سنة وألا يزيد عمري عن ذلك ولا يقل , ولكن بعد موت والد اخي "محمد" راجعت نفسي , وقلت ماذا فعلت في حياتك؟ ماذا صنعت لتتمنى أن تموت صغير السن؟ ماذا سأفعل لو مت الأن؟ ماذا سأفعل لو مت وانا اكتب هذه الكلامات؟ وراجعت نفسي ,,, ولكن يا حسرتا ,,, فذنوبي تزن الجبال , وقلب غير موصول بالله المنان , والدنيا موضوعة في قلبي مكان الجنان , ويا حسرتا على ما فرطت في امري الله , وتذكرت ذنوبي الكبيرة , انا اعصي ربي في كل لحظة , وحتى الطاعة افعلها امام الناس , واظنها حسنات وهي من الرياء , فما مصيري يوم تأتي كل نفس بما كسبت؟ , ماذا اقول في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون؟ , ماذا سأصنع في يوم تأتي كل نفس بالحق (وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ (19) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (20) وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ (21) لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (22)) لا حولا ولا قوة إلا بالله , فأين الصلاة والصيام؟ وأين القرآن والقيام؟ وأين بر الآباء والأخوان؟
6 comments:
الحمدلله على نعمة الآباء , يا رب يخليلي ماما وبابا
ربنا معاك يا محمد
انا لله وانا اليه راجعون
الله يرحم من مات ومن عاش
والسلام
ان الموت سر غيبى لن يعرفة البشر ابدا وللموت تاثير كبير على كثير من النفوس البشرية فكثيرا ما غير الموت الطريق لكثير من الناس فتغير الحال بعد ضلال وابتعاد عن الطريق الصحيح اتجهت الروح الى الطريق التى يريدة القلب ويحيبة
-تحياتى لك اخى الكريم على هذا المقال الرائع
اطال الله فى عمرك واعمار الاحبة هنا وجعلكم تموتون الميتة التى تريدونها ورزقنا جميعا الفردوس
امين يارب العرش العظيم
والله ما ادرى ما أقول ولكن هو قضاء الله ولا اعتراض والحمد لله وهذا بالطبع هو حال الدنيا وجزاك الله خيرا يا أخى على هذا المجهود الجميل والله لقد أدخلت السرور على قلبى وذكرتنى بهذا المشهد الذى لن أنساه ما حييت وتقبل الله منك...آميين..أخوك _محمد سعد
انا سعيد لأنك سعيد
ربنا يثبتك يا محمد ويكرمك وييسر لك ... آمين
السلام عليكم يا اخ اسلام اولا اريد ان اعلق على صديقك محمد على شجاعته وقوته واريد ان اوضح لك ان المؤمن دائما مصاب وثانيا كنت اريد ان اعلق على اخر المقاله وعنك فاريد ان اذكرك ان الله غفور رحيما و اريد ان تتذكر كلامك فى موضوع اين قلبى و99رحمه الذى تركهم الله له ليومه العظيم وانا ايضا صاحب التعليق فى اين قلبى بغير معروف وانا احيك واشجعك على الكتابه اكثر وفى (النهايه منها واليها سنعود)
Post a Comment